Abir Kopty's Blog مدوّنة عبير قبطي

You will never be free until you respect the freedom of others

نهاية أوسلو، بداية التغيير

2 Comments

اليوم وبعد 19 عاما على اتفاقية اوسلو، أصبح واضحًا بأن هذه الاتفاقية شكلت عاملا مركزيا في حجب الفلسطيني عن حقه في الحرية، العودة وتقرير المصير. الاحتجاجات الفلسطينية الاخيرة لم تكن إلا مؤشرًا لمدى العبء الكارثي الذي أوقعته اوسلو على الشعب الفلسطيني.
الاحتجاجات الاخيرة التي عمت الضفة الغربية وُجّهَت بغالبيتها تجاه شخص رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض، على أساس أنه السبب المركزي في الأزمة الاقتصادية وارتفاع الاسعار. بعض الجهات الفتحاوية، استغلت هذه الاحتجاجات افضل استغلال، ووجدت بها فرصة للتخلص من فياض، وتنفيس الغضب الشعبي المتراكم ضد السلطة، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، رغبت السلطة في تجسيد مخاطر تراجع الدعم المادي للسلطة وانهيارها، وقد رأينا فعلا كيف بدأ الدعم المالي يتوافد، عندما بدأت الامور “بالخروج عن السيطرة”. من ناحية أخرى، ألقت الاحتجاجات الأخيرة الضوء على المشكلة الاساسية: اتفاقية “اوسلو” وملحقها الاقتصادي “بروتوكول باريس”.

لقد نجحت اتفاقية اوسلو في خلق واقع كارثي: إقامة السلطة في قطاع غزة والضفة الغربية بدون سيادة، ومن ثم سيطرة السلطة على منظمة التحرير الفلسطينية والقرار الفلسطيني، مسار تفاوضي ازلي وتنسيق أمني ما بين السلطة والاحتلال، ارتباط اقتصادي كلي بإسرائيل وبالدول المانحة، تفتيت الفلسطينيين في كانتونات في الضفة وغزة وعزل الفلسطينيين في الداخل وفي المنفى عن القضية.
منذ توقيع أوسلو، فقدت منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطينيي، دورها ووصايتها لصالح السلطة الفلسطينية. ذات الشخصيات التي تحكم السلطة هي ذاتها التي تحكم صنع القرار في المنظمة، وبالتالي اصبحت القرارات منوطة بمصالح شخصية للحفاظ على السلطة أكثر منها بمصلحة الشعب، ناهيك عن أن جميع هذه القيادات موجودة في الاراضي المحتلة عام 1967، وهناك تجاهل تام لفلسطينيي ال 48 واللاجئين في مسألة التمثيل وصنع القرار.
لذلك، أية خطوة للأمام تستوجب اعادة القرار إلى الشعب، انتخابات مباشرة للمجلس الوطني الفلسطيني، يقوم من خلالها كافة الشعب الفلسطيني (11 مليون) بانتخاب قيادة جديدة تقوم بوضع استراتيجية مقاومة جديدة. على المجلس أن يقرر هو في مسألة حل السلطة او تغيير دورها، وليس العكس. ان شعار حل السلطة بين ليلة وضحاها غير واقعي، في ظل غياب بديل واضح، لكن تبقى المسألة الأساسية أن يخرج القرار من يد السلطة ويعود ليد الشعب. ما يجب حله هو الاتفاق الذي منح وحدد دور السلطة: أتفاقية أوسلو.
اتفاقية أوسلو منحت أيضا احتلالا مربحا لإسرائيل، حيث تخلت إسرائيل عن مسؤولياتها كدولة محتلة في توفير الخدمات المدنية في اراضي ال 67، بينما استمرت في السيطرة على جميع الموارد الفلسطينية كالأرض والمياه ومعادن البحر الميت وغيرها. ومنح التنسيق الأمني لإسرائيل، مقاولون فلسطينيون ل”حماية” الإسرائيليين من أي فعل فلسطيني مقاوم، بينما لم يضمن حماية الفلسطينيين من إرهاب المستوطنين والاجتياحات العسكرية وجرائم الاحتلال. كما ومنحت العملية التفاوضية اللانهائية إسرائيل الحصانة لمواصلة انتهاكاتها، بينما لم تحقق ولا انجازا واحدا للفلسطينيين.
ومنح “بروتوكول باريس” إسرائيل سيطرة كاملة على الاقتصاد الفلسطيني: استيراد، تصدير، ضرائب، أسعار وغيرها. وساهم “باريس” سوية مع السياسة الاقتصادية الليبرالية للسلطة الفلسطينية، والتي اهملت تطوير اقتصاد محلي منتج، في زيادة الاعتماد على المساعدات الاجنبية. والمساعدات الاجنبية جاءت مع إملاءات ومصالح لا تتوافق بالضرورة مع المصلحة الفلسطينية. فاستعملت كوسيلة للابتزاز والضغط والتأثير السياسي، كما حدث عندما علق الكونغرس الأمريكي المساعدات كعقاب على ذهاب السلطة للأمم المتحدة، او لتمويل مشاريع تنموية، لا تدعم الفلسطيني في تطوير قطاع الانتاج المحلي والزراعي او مواجهة وتحدي التطهير العرقي والاستعمار الاسرائيلي، فمثلا دعم الممولين مشاريع لا تحصى في مناطق “أ” بينما خضعوا للإملاءات الإسرائيلية في مناطق “ج”.
إسقاط أوسلو يعني إسقاط جميع هذه الجوانب ووضع استراتيجية بديلة للنضال الفلسطيني. الأمر لن يكون سهلا، سيعني السباحة ضد التيار، تيار الاحتلال، المجتمع الدولي والانظمة العربية. ولهذا فهو بحاجة الى شجاعة وتطوير رؤيا بديلة.
على هذه الرؤيا أن تشمل: الوحدة الفلسطينية لجميع مركبات الشعب الفلسطيني تحت مظلة منظمة التحرير، تنحي قيادات السلطة التقليدية، سواء في غزة أو الضفة وفتح الطريق أمام طاقات جديدة. آليات لضمان الأمن والأمان الداخلي، وتطوير اقتصاد محلي منتج، بوحي من الانتفاضة الأولى.
عندما يُزال الغشاء الذي يحجب الاحتلال عن الفلسطيني (وخاصة في مراكز المدن حيث أصبح الاحتلال أقل مباشرا وأكثر تحكما)، وعندما يصبح هناك قيادة موحدة للجميع، تعرف “إلى أين نحن ذاهبون” مع استراتيجية نضالية واضحة، يصبح صمود الفلسطينيين ورغبتهم في التضحية أمام الضغوطات الإسرائيلية والدولية مضاعفًا.
عندما نكون أقوياء سيضطر المجتمع الدولي للإصغاء لنا. والقوة هي في مقاومة شعبية على الأرض، تتطلب الانضباط وفق معايير أخلاقية وذات جدوى، كما وتتطلب دعما دوليا من خلال حملة مقاطعة إسرائيل، سحب الاسثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
أما بالنسبة لحل الدولتين، عمود أوسلو الفقري، سيدرك العالم بأنه انتهى، عندما تتوقف القيادة الفلسطينية عن التمسك به. لن يطول الوقت حتى يضطر العالم للإصغاء إلى شعب ثائر من أجل حريته وعودته وتقرير مصيره.

This article was first published in English on The National 

Author: abirkopty

Writer, blogger and journalist.

2 thoughts on “نهاية أوسلو، بداية التغيير

  1. يا عبير مصر ابتليت ب “كامب ديفيد” و فلسطين ب ” أوسلوا” و كلا الاتفاقيتين بالاضافة الى “وادى عربة” فى الاردن ، ثلاثتهم تعمل على حماية الكيان الصهيونى وفقاً لكتالوج امريكى لايهتم بشعوب المنطقة لان كل همه ثرواتنا الطبيعية و موقعنا الجغرافى الذى يتيح لامريكا السيطرة على العالم مستخدماً الصهاينة لتأديبنا اذا حاولنا أو حتى فكرنا فى تغيير هذه المعادلة ، لذلك كانت ثورة يناير فى مصر ضد الكتالوج الامريكى وهى لم تكتمل فصولها تحت ضغط امريكى لاحتوائها، أما حراك الضفة فهو مبشر و فكرتك عن انتخاب مجلس وطنى فلسطينى جديرة بتوحيد الشعب الفلسطينى فى الشتات وال67 و ال48 بدلاً عن الحديث العقيم عن المصالحة بين فتح وحماس . واعذرينى فأنا عجوز من جيل لا يرى فرق فى الحديث عن فلسطن كأنه يتحدث عن مصر و يتجدث عن مصر كأنه يتحدث عن فلسطين و أراهما كيان و احد ربما لضعف فى بصرى نتيجة تقدم العمر أو أحلام فى خاطرى لا يراها غيرى . .. و سلاماً

    Like

  2. فعلا اوسلو كانت كارثية
    لكن لا يمكن القول ان بضعه مناوشات او تصرفات فتيه يمكن ان تؤهل واقع جديد
    في الربيع العربي او نحو التغيير ما حصل بالضفه هو نمنمه للتنفيس ليس اكثر ولا اقل
    وازا كان واقع اوسلو سئ فان واقع كل االتفاقات التي وقعت هي ايضا اسوا من سئ
    وان لجوء الامم العربيه الى صندوق النقد وتلقي المساعدات
    من الغرب اكثر سؤا
    لكن ما اريد قوله لو كان الشعب الفلسطيني بذل في ثورته اكثر
    لحصل على شئ اكثر من اوسلو
    عصام صلاحات

    Like

Leave a comment