Abir Kopty's Blog مدوّنة عبير قبطي

You will never be free until you respect the freedom of others


6 Comments

فعل الولادة، ما هذا الحقد؟

fullsizeoutput_fc

تصوير: نزار سري الدين

ما هذا الحقد الذي أشعر به؟ أليس من المفروض أن أكون أسعد الأمّهات؟ ألَم “أبدأ بالعيش الآن فقط” كما قالها لي أحد الأقرباء؟

ما هذا الحقد الذي أشعر به تجاهك؟ لكنّي أحبّك. هل أنا بحاجة أن أثبت بعد كل جملة بأني فعلاً، حقاً، أحبّك؟

منذ البلوغ، يمارس المجتمع كلّ سلطته عليكِ لكي تتزوجي، ومن ثم كي تنجبي طفلاً، وبعدها كي تنجبي مرة أخرى وهكذا دواليك. وبين هذا وذاك عليكِ أن تكوني الأمّ المثالية. والأمّ المثالية هي التي تضحّي بكل شيء من أجل عائلتها. هل فكّرنا مرة إذا كان مطلبنا من أمّ تضحّي بكل شيء هو واقعيّ؟ هو منطقيّ؟ هو صحّي؟

الأمّ المثالية هي تلك السعيدة منذ لحظة الولادة، التي بدأت حياتها من جديد مع مولودها الأوّل، وتحولت فجأة، من امرأة، إلى تابعة. “أم فلان”، وهذا الفلان يسيطر على حياتك لحظة بلحظة، في حين لم ينجح أحد بذلك. نعم، هذا هو الحقد! هذا هو حقدي الكامن الصامت الخجول. كيف أحقد على مولودي؟ كيف أحقد عليه وأحبّه في آنٍ معًا؟

يجب أن أعترف بأنّي كنت جاهزة للحمل أكثر من جاهزيتي لتربية طفل. نعم، نفرح كثيرًا بقدومه لكننّا لا نفكّر كثيرًا بما تغير وسيتغير في حياتنا. كل ما قالوه لي عن نسيان النوم والتعب والمسؤولية، لم يكن كافيًا ليقول لي ماذا تعني الأمومة (والأبوة). قالوا أيضا: “جهزي حالك، حياتك رح تختلف للأبد”. معهم حقّ. في البداية حاولت أن أقاوم هذه المقولة، وأقول أنّني لا زلت قادرة على ممارسة حياتي، على الذهاب إلى لقاء الأصدقاء، إلى محاضرات، إلى جلسات عمل. منذ البداية، قررنا، أنا وشريكي، أن نأخذه معنا إلى كل مكان، ونقول أننا ندمجه في حياتنا بدل أن نوقفها. فنحن في الغربة، نربي طفلنا وحدنا، بعيدا عن عائلاتنا التي عادة ما تدعم وتساعد وتساهم في هذا الحِمل. لن نوقف حياتنا وسيكون هو جزءًا منها، قلنا. لكننا سرعان ما اقتنعنا أنّ حياتنا اختلفت للأبد. ولا زلنا نتصارع مع هذه المقولة كل يوم، عبثًا.

“منذ الآن، لم تعد حياتك ملكك”، هذا ما قالوه لي أيضًا، وهذا أكثر ما يوجعني في فعل الولادة. ومنذ هذه “الآن”، وأنا أقاوم، وأحاول أن اثبت العكس، وأقاوم وأحاول. وأرفض الاعتراف بأنهم على حقّ، ثم أعترف، ثم أقنع نفسي بأنني سأفعل الأشياء بطريقة مختلفة، بديلة، سأكون أمًّا مختلفة، أمًّا بديلة. ثم أفشل. ثم أحاول وأفشل وأحاول.

هذا أكثر ما يوجع بفعل الولادة. هذا وشعور الخوف والقلق والمسؤولية الذي سيلازمني طول العمر. ماذا فعلت بنفسي؟ ما هذه الأنانيّة التي جعلتني أحضره إلى هذا العالم؟ إلى هذا العالم البائس؟ ألم أقل مرّة أن هذا العالم لا يستحق الأطفال؟ لماذا الأنانيّة؟

لكن لحظة! ما هذه الدراما، هل أنت أول وآخر أمّ على وجه الكرة الأرضية؟ لماذا تحبّين تضخيم الأمور وفلسفتها؟ لماذا كل هذا الثقل والنواح؟ لا بد أنني أبالغ. لا بد أنني كما دائمًا، أحمّل الأمور أكثر من وزرها.

لكن الأسئلة تعود لتلحّ علي. كيف أتخلّص من شعور القهر بأنّ هذا الطفل، حبيبي ورضيعي وابن رحمي، سلبني حياتي وحريتي واستقلاليتي، الأمر الذي لم ينجح أحد من قبله بفعله؟ كيف أتخلّص من شعور أنّ أحدًا ما قد انتصر عليّ؟

ما هذا الحقد الذي أشعر به والذي يختفي كلّما نظرت اليك؟ كلما رأيت ابتسامتك صاحبة الغمّازات؟

كيف سأربيك؟ كيف سأحميك؟ كيف سأضمن ألّا يؤذيك أحد، ألّا يسيء إليك؟ كيف سأعلّمك أن تكون صاحب حقّ، وأن لا تظلم أحدًا أو تسخر من أحدٍ أو تتكبّر على أحدٍ؟ كيف سأصنع منك إنسانًا في عالم متوحّش؟ كيف سأربّيك على الاستقلال والثقة بالنفس؟ كيف سأشحنك بطاقات تدفع بك إلى تحقيق ذاتك؟ كيف سأثير اهتمامك بالموسيقى والكتب والثقافة. كيف وكيف وكيف. ما كل هذه الأسئلة؟ هل تسألها كل أم؟ هل يسألها الأب أيضًا؟

لماذا كل هذه الدراما؟ أنت لست تعيسة. أنت سعيدة. أنت أم سعيدة وفخورة ومليئة بالحب. طاقاتك تشحن الدنيا. لا تبذريها بالأسئلة ولا بالحقد ولا بالقلق. لن تفيدك الأسئلة. لن تجدي الأجوبة. هذا هو بالضبط فعل الولادة. أسئلة دون أجوبة. صندوق مليء بالمشاعر، غير منظّم وغير قابل للتنظيم. أتركيه وشأنه.

Advertisement


Leave a comment

كل أوسلو ونحن لسنا بخير..

قبل ٢٣ سنة، أبعدنا عن التحرر ٢٣٠ سنة.. 

جاءتنا قيادة خافت من الشارع وخافت تخسر سلطتها فعملت سلطة، والسلطة سيطرت على منظمة التحرير، والمنظمة صارت صورة بتتعلق عالحيط. 

الاحتلال صار مربح اكتر… سيطرة اكتر تكاليف أقل.. وضحكوا علينا بروابط مدن. 

وحكمت الشلة ووزعت بينها المناصب، وارتبطت مصالحها بمصالح الاحتلال، وصارت تعرف انه بقاءها يعني بقاء الاحتلال، لان اذا راح الاحتلال رح تروح معاه ومن هنا جاء التنسيق الامني المقدس. وأحيانا برضه بسمّوه محاربة “الفلتان الامني”..  Continue reading


1 Comment

يوم المرأة: إحنا مش ضد المجتمع المجتمع هو اللي ضدنا

Photo by Mohamad Waleed

Photo by Mohamad Waleed

احنا مش ضد المجتمع، المجتمع هو اللي ضدنا.

معركتنا مش نساء ضد الرجال وانما نساء (وكمشة رجال نسويين) ضد الذكورية في المجتمع واللي بتمنح الرجل سلطة مطلقة وامتيازات. 

قضية المرأة بتتكنسش تحت الطاولة لحد ما يخلص الاستعمار او اي نظام قمعي. تحرر المرأة وشرائح أخرى في المجتمع هو جزء من مفهوم التحرر الحقيقي من القمع. وهذا مش شعار. 

لما بتتعامل مع قضية المرأة بسخرية وتسطيح، بكون إما هروب من مواجهة النقاش، أو إنك بدك تلعبها عالحبلين. 

ارحمونا من تسطيح النسوية بان النسوية معناها البنت تربي شعر رجليها وتحت اباطها. المرأة عندها سلطة على جسدها وحرة شو تعمل. بتقدر كمان تقرر انها تحلق شعر رجليها وتحط ماكياج وتكون برضه نسوية. 

ارحمونا من تسطيح النسوية بان النسوية معناها نلغي الفروق البيولوجية ونصير بالزبط زي الرجال. لا حبيبي، مش هدفنا نصير زيك. 

وصح، في فعلا كثير نساء ذكوريات، لما بيوصلوا لمركز سلطوي مثلا، بيتقنوا سلطوية الرجال. هدول ما بمثلوا النسوية الجذرية. فارحمونا من التعميم.  

في نسوية سطحية، بتشوف انه حقوق المرأة تعني انها تصير، مثلا، قائد اركان في الجيش، وفي نسوية جذرية، بدها تغير علاقات القوى في المجتمع، مش بس بين الرجال والنساء، بل بين الأغنياء والفقراء، بين القامع والمقموع، وهذول بشملوا نساء ورجال ومغايرين جنسيا.

آه وفي شغلة أخيرة. لما نحكيك عن تحرر المرأة، مثلنا الأعلى مش المرأة في الغرب. المرأة في الغرب تحتاج أيضا إلى عملية تحررية. 

بس اكيد العملية التحررية اللي منطمح الها، بتهدد مكانتك كرجل يحمل امتيازات. 

صباح النضال والتحرر.

 


2 Comments

إستخبارات بالوكالة – مندسون إسرائيليون بين نشطاء إسرائيليين

أفضت آخر التطورات في حملة اليمين الإسرائيلي لملاحقة النشطاء الإسرائيليين المناهضين للاحتلال، إلى اعتقال ناشطين إسرائيليين في حركة “تعايش” وناشط فلسطيني يعمل في منظمة “بتسيلم”.

تترافق هذه الاعتقالات مع هجمة شرسة من قبل منظمات اليمين على المنظمات الإسرائيلية التي تحسب إسرائيليا على “التيار التقدمي”، مدعومة من الحكومة والإعلام، في محاولة لاخماد أي صوت مناوئ لسياسات الحكومة.

وفعلا، اللافت في التطورات الأخيرة، بأن ملاحقة نشطاء ما بعد بعد الهامش، “الراديكاليون” المناهضون للصهيونية، والداعمون لحملات المقاطعة ولحق العودة الخ، لم تعد كافية لليمين الحاكم، فتوسعت لتشمل منظمات حقوقية تعمل في إطار الإجماع الصهيوني، مثل منظمة ״بتسيلم״، ״جمعية حقوق المواطن” ومنظمة “نكسرالصمت-شوفريم شتيكا” وغيرهم، فمنذ مدة بدأت منظمات يمينية تطالب مثلا بإخراج “شوفريم شتيكا” من القانون، وأصدرت منظمة “ام ترتسو” تقريرا عنونته ب “شتوليم” (مندسين بالعربية)، الحقته بشريط فيديو تحدثت به عن منظمات حقوقية تتلقى الدعم الاجنبي ووصفتهم بالمندسين لتدمير الدولة وطالبت بإخراجهم عن القانون. ومن المثير بأن كل إدعائات اليمين وتقاريره وحملاته يتم تبنيها من قبل غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية وتتحول بسرعة إلى قضية رأي عام، وفي المقابل نبدأ بسماع خطاب “انحدار المجتمع الإسرائيلي إلى الفاشية” في بعض دوائر “اليسار”، على أساس أن استعمار فلسطين، لم يرتقي بعد إلى الفاشية. Continue reading


1 Comment

يجب تجريم الذكورية

كل إمرأة تُقتل تُقتل على خلفية ذكورية. 

الذكورية هي، مثلا، كالعنصرية. عندما يُقتل شخص ما بسبب لون بشرته مثلا، نقول أنها جريمة عنصرية، ونقول أن العنصرية أو التحريض العنصري (حتى لو لم يكن تحريضا مباشرا على القتل) يمكن أن يؤدي إلى جريمة، وهو بحد ذاته جريمة، وفي الكثير من الدول التي تحترم نفسها، يوجد قوانين تجرّم العنصرية. وفي مجتمعات تحترم نفسها، يُعتبر التحريض العنصري جريمة أخلاقية. 

الذكورية والتحريض عليها هو أصل الجرائم بحق النساء، النساء تُقتل لكونهنّ نساء. 

يجب تجريم الذكورية.

___________

سلام على ارواح شهيدات الذكورية 

يوم الاربعاء ٢٥/١١/٢٠١٥ جنازة جماعية في الرملة لإحدى عشرة امرأة قتلن هذا العام.

killing women.jpg


1 Comment

جميعهم لا يلتزم بالتعليمات

في الوقت الذي كان الحجاج في مكة يتدافعون ويموتون لانهم لم “يلتزموا بالتعليمات”، كانت أموالهم تصرف في هذا القصر، في بفرلي هيلز، لوس انجلوس، والذي تبلغ مساحته ٢٢،٠٠٠ فدان، وتساوي قيمته ٣٧،٠٠٠ مليون دولار. حيث كان الأمير السعودي، ماجد عبدالعزيز آل سعود، يعتكف للصلاة أيام العيد. لكن للاسف هناك خادمة، لم تلتزم هي الأخرى بالتعليمات ورآها الجيران تحاول الهرب من القصر وهي تنزف. أما الشرطة الأمريكية، وقد اتضح لاحقا بأنها تعمل لصالح المخابرات الإيرانية، فقد قامت باعتقاله للاشتباه بضلوعه بتهم الضرب والحجز القسري واستغفر الله العظيم، استغفر الله، بتهم الاعتداء الجنسي على خمس نساء، ليتم الافراج عنه لاحقا بكفالة ٣٠٠،٠٠٠ دولار، وستعقد جلسة المحاكمة الاولي في ١٩ اكتوبر.

هذه المعلومات مصدرها عدد من الصحف الاجنبية، مثل الغارديان، السي ان ان، لوس انجلوس تايمز وغيرها.

أما الصحف العربية ما عدا استثناءات قليلة، فقد غطت الخبر بتوسع من المحيط إلى الخليج.

Screen Shot 2015-09-26 at 12.07.15 PM


Leave a comment

اعتراف على شرف #رمضان

أنا بحب (كثير جدًا) أحضر مسلسلات عربي، وخاصة في رمضان، ولو الوقت بسمحلي ما عنديش مشكلة اتابع عشر-عشرين مسلسل في رمضان، وما عنديش مشكلة أحضر ٣-٤ مسلسلات بنفس الوقت، كيف؟ أتنقل بيناتهم وقت الدعايات، عادة بتزبط معي. بقول بس ٣-٤، لانه هناك مرات حاولت اتابع أكثر ولما كنت اقلب وبدي أرجع لواحد منهن انسى عأي محطة ويروح علي.
وأحيانا ممكن أبلش أتابع مسلسل من الحلقة العاشرة أو ال ١٥ أو حتى ال ٢٩، وبفهمه وبصير أتابعه، وممكن كمان أحضر حلقة وأفوت حلقات وأرجع أتابعه. وممكن أكون اقلب بالمحطات، ألاقي مسلسل عربي، أحضر حلقة وحدة عشوائيا وخلص، واعتبر نفسي حاضرته كله.
وعندي طموح إني في شي سنة، في شي رمضان، أكون فاضية لا شغلة ولا عملة غير إني أحضر كل المسلسلات كل الشهر.
#رمضان_كريم
#أهلا_رمضان


5 Comments

List of events in commemoration of the Nakba 2015.

List of events to commemorate the #Nakba on May 15th, 2015, in Palestine and elsewhere:

****
 Beit Jala: 12-15th May, cultural events, film screenings and exhibition.
بيت جالا: معرض وفعاليات ثقافية وعروض افلام.
****

Nablus: March May 14th, 7:30. مسيرة يوم الخميس الساعة السابعة والنصف مساءً تنطلق من أمام الكنيسة الأرثوذكسية

****
Film screening, “The Stories of Land”, May 14th, Kufr Qassem.
عرض فيلم “حكايا الأرض”، يوم اخميس ١٤ أيار.

****

“I won’t remain a refugee” Camp in Al-Ghabisiyya uprooted village. 14th-16th May.

معسكر لن ابقى لاجئ الثال في الغابسية

https://www.facebook.com/events/1465350100422421/

****

Film screening, “When I Saw You”. May 15th, Sakhnin.

عرض فلم ” لما شفتك ” – عن النكبة والعودة

https://www.facebook.com/events/426060834232672/ Continue reading


3 Comments

Call for action: Save Yarmouk Camp (English and Arabic and more)

lanyaskot1

English

Save Yarmouk

ISIS has invaded Yarmouk refugee camp in cooperation with Al Nusra front after clashes that lasted for a few days. This happened after two years of continuous siege imposed by the Syrian regime and its collaborators. The camp is completely ignored and neglected by both official and non-official bodies, leaving  the inhabitants of the camp and its defenders without any support.

Residents of the Yarmouk camp are still showing a steadfastness as they have done during the years of the siege, but, as the camp is transferred into  an open battle field, the risk for murder, expulsion and arrest is acute, especially after ISIS has demanded the residents of the camp to hand over their sons who have fought against ISIS, and after ISIS has initiated a kidnap campaign of tens of them.

We are standing today, the Palestinian people and those in solidarity with the Palestinian cause all over the world united as one people in solidarity with Yarmouk, to take action to rescue whatever is left to rescue there, and to support the residents of Yarmouk in their battle right now to liberate the camp.

We send our appeal to all media in general and the Palestinian media specifically to cover the news of Yarmouk, and we call everyone to start organise protests in all forms, to support Yarmouk refugee camp and call on the world’s obligation to protect it.

Continue reading


6 Comments

من أوّل السطر: مسألة زيارة فنانين/ات عرب للداخل الفلسطيني

نبدأ من أوّل السطر لنناقش بديهيات في مسألة زيارة فنانين عرب للداخل الفلسطيني (وذلك على ضوء زيارة الشاعر المصري المرتقبة هشام الجخ الى مدينة الناصرة بتأشيرة إسرائيلية طبعا لاقامة امسية شعرية في الحادي عشر من شباط):

1) مسألة رفض التطبيع، قبل أي شيء هي مسألة فطرية، لنترك نقاش المعايير جانبا. وبالفطرة، لا زالت (والحمد لله) الشعوب العربية (بعيدا عن الأنظمة) والشعب الفلسطيني ترى في إسرائيل عدوّا، وأن التعامل مع سفاراتها هو اعتراف بشرعيتها وكسر الحاجز النفسي والسياسي معها.
2) واذا كنتم مصرّين على الحديث عن المعايير، فنعم، هنالك معايير رسمية أي مكتوبة، للبعض هي تعبر عن الحد الأدنى من المعايير، أجمع عليها قطاع واسع من المجتمع المدني الفلسطيني، وحركات سياسية واتحادات ونقابات (فوق الـ 170 مؤسسة). هذه المعايير لا تنظر من منظار الفلسطيني ابن الناصرة الذي يرغب في حضور حفلة لفنان عربي في الناصرة، بل من منظار مصلحة كامل الشعب الفلسطيني.
3) تعداد الشعب الفلسطيني كاملا هو 11 مليونا ونصف المليون، نسبة فلسطينيي الداخل منه لا تتعدى الـ 13%، (يعني لو صارت اليوم انتخابات للـ 11 مليونا يا دوب نجيب 6-7 كراسٍ حتى مع قائمة مشتركة!)، ولا يمكن لهذا الشق أن يخفض الحد الأدنى من معايير التطبيع بسبب الرغبة في “التواصل الثقافي”. القسم الأكبر من شعبنا، (أكثر من النصف) هو لاجئ، محروم من حقه في العودة إلى دياره (ولا حتى زيارتها)، أو يرزح تحت احتلال عسكري وسجن تتحكم إسرائيل بمن يدخل أو يخرج اليه. بدلا من مطالبتهم هم بخفض المعايير وتمييعها، من الأجدى أن نبقى جزءا من هذه الفطرة.
4) “خصوصيتنا في الداخل” ليست مطيّة، بل يجب أن تكون رافعة للنضال الوطني. ولا مقارنة هنا مع علاقتنا اليومية والحياتية بالمؤسسات الإسرائيلية. فهي علاقات قسرية وليست باختيارنا، أو على الأقل هي لم تكن لتكون لو لم نتمسك بوطننا، وهذا هو الأساس. فأرجو أن لا تعودوا إلى “يعني دراستنا في الجامعات الإسرائيلية تطبيع؟”، اعتقد أن هذا تسطيح للنقاش.
5) وهنالك أيضا من يقحم قضية التصاريح من الضفة وغزة لزيارة القدس. طبعا هناك اشكالية ونقاش كبيران في مسألة التصاريح، وخاصة اذا نظرنا لها كأداة بيد الاحتلال للتحكم بحياتنا وحركتنا ولابتزازنا وتدجيننا. ولكن النقاش حولها هو في سياق آخر، ليس سياق التطبيع.
6) هناك دائما تبرير ينطلق من أن المليون ونصف مليون من فلسطينيي الـ 48 هم الضحية الكبرى لنظام الاستعمار، لأنه تمت مقاطعتنا من قبل الأنظمة العربية وعزلنا من العالم العربي عقابا على بقائنا في وطننا. صحيح أننا عانينا من هذا الغبن، ولكن هذا الغبن هو جزء من سلسلة معاناة، تتخذ اشكالا مختلفة لاجزاء شعبنا المختلفة، في غالبيتها أقسى بكثير من غبن عزلنا.هذا التبرير تطوّر إلى نَفَس خطير يفصلنا عن نضال شعبنا، الذي نعتبر نفسنا جزءا لا يتجزأ منه. ربما يكون “انفتاحنا” الآن على العالم العربي هو تعويض عقود من الحرمان، لكن أن نعوّض ذلك من خلال المساهمة في تقويض حركة المقاطعة ومناهضة التطبيع، يعني أن نؤكد بأنهم كانوا محقّين في تخوفاتهم منّا.
وبالمناسبة، لم ينكر أحد علينا حاجتنا للتواصل مع العالم العربي، فمثلا في ورقة حملة المقاطعة المتعلقة بالـ 48 كتب: “من الأهمية بمكان أن تسهم حملة المقاطعة في رفع الوعي في الوطن العربي حول كون فلسطينيي 48 جزءًا لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، وفي تشجيع استضافة المؤتمرات والمهرجانات والمعارض والندوات التي تقام في الوطن العربي للفنانين/ات والأكاديميين/ات الفلسطينيين/ات من مناطق الـ 48 الذين يلتزمون بمعايير المقاطعة.”
7) أما بخصوص “التواصل الثقافي”، نعيد ونكرر: لا ادري، فعلا، كيف تربينا على أغاني فيروز ووديع الصافي وأم كلثوم وعبد الحليم والشيخ إمام بدون هذا “التواصل الثقافي”؟ كيف حفظنا عن ظهر قلب مسرحيات عادل إمام ودريد لحام وزياد الرحباني قبل “التواصل الثقافي”؟ وكيف كنا نتحدث هاتفيا مع مرسيل خليفة واحمد قعبور وأحمد فؤاد نجم في اجتماعات شعبية ومهرجانات وطنية قبل “التواصل الثقافي”؟ هؤلاء بفطرتهم، لم يفكروا حتى في الحضور جسديا إلينا، ولا أعرف إن كان هناك تواصل أكبر وأرقى وأغنى من تواصلنا معهم.
8) كل من يتحدث عن أن المسألة مسألة “وجهات نظر”، أرجو أن ترأفوا بعقلنا، فهناك من يدّعي بأن الخدمة المدنية هي فعل وطني، واستطيع أن اشير الآن إلى كذا حجة في صالح هذا الادّعاء. في تلك الحالة، “وجهة النظر الأخرى” لم تكن شرعية، وبحق. لماذا؟ لأن هناك فطرة.
9) لسنا ضد أن يأتي فنانون عرب إلى الناصرة. لكن إذا كانت الطريقة الوحيدة هي التطبيع، فنحن ضد التطبيع. عدم قدومهم هو فقط النتيجة.
10) أنا شخصيا أرفض خطاب التخوين ولن أستخدمه. لكن باعتقادي المتواضع فإن المسألة ببساطة، أننا في الداخل، للأسف، لدينا من الرفاهية ما يجعلنا نعتقد بأن العالم يدور حولنا.

وفي الختام، أكثر ما يحضرني هنا هو الشعار الذي كنت أسمعه في ميدان التحرير أثناء الثورة المصرية “الحرية مش ببلاش”. ميزته ببساطته وبعمقه. لا يوجد نضال من أجل الحرية والعدالة دون ثمن. المشكلة أننا نتحدث هنا، عن ثمن ضئيل (هذا اذا لم نخجل أن نسميه ثمنا) أمام تضحيات شعبنا، ينحصر بعدم حضور عرض فني في الناصرة.