اسمحوا لي أن أفسد حماس الأهل والمنظمين لمسابقة “أجمل طفل” !
عندما كنت صغيرة، ربما في الخامسة، وكنت مشاركة في مخيم صيفي، نظم مرشدو المخيم مسابقة “ملكة جمال المخيم”، وقرروا لي ان أكون متنافسة. في هذه المرحلة من الطفولة طبعا لم يكن لدي خيارا، أو نضوجا عقليا يفكر في مفهوم الجمال “وتشييء الطفل” ولا اي اداة ل “التفكير النقدي”. فطبعا، فرحت جدا وغالبا “شفت حالي” على باقي “زميلاتي”. وصلت أنا وطفلة أخرى، فرحة مثلي، إلى المرحلة النهائية وكان على لجنة التحكيم أن تختار بيننا، نحن الاثنتين، واختاروها هي!
فقط قبل ٣-٤ سنين وبعد أن شاركت في برنامج تدريب شخصي coaching الذي تطلب مني العمل مع ذاتي والعودة لطفولتي ادركت كم أثرت هذه الواقعة، “الهبلة والبسيطة” ، والتي اعتقدت أني نسيتها تماما، علي. في عقلي الباطني، عدم اختياري أدى إلى عقدة أني دائما، مهما فعلت وحصّلت وحقّقت، لست جيدة بما يكفي، “أنا لست الأولى”. (ملاحظة: كنت بحب اعطيكو دراما اكثر بس للاسف ما في)
المهم، هذا جعلني أفكر بالأطفال الذين يرشحهم اهلهم للقب “أجمل طفل”، من المؤكد أن الطفل لا يدرك معنى “أجمل طفل” (وفي الحقيقة أنا أيضا لا أدرك)، وسواء تم اختياره/ا او لا، من الممكن أن لا تمر هذه الواقعة، عند الكثير منهم، مرور الكرام. وستترك عندهم أثرا، سلبيا في الغالب. وطبعا هذه المسابقة ليست إلا حدثا واحدا لا قيمة له، إذا عزلناه عن أحداث كثيرة مشابهة يتعرض لها الاطفال دائما. فغالبا تحدث مثل هذه المسابقات، بأشكال مختلفة، في المدرسة والحضانة والمخيمات، وتفضل المعلمة أو المعلم طفلا/طالبا دون غيره في الصف، ويزج الأهل، بطرق عدة، باطفالهم في منافسة لاثبات أنهم أفضل والدين في العالم، الخ الخ.
ثم ما هي المفاهيم التي ستترسخ عندهم عن الجمال؟ المظهر؟ الفوز؟ ناهيك عن الجانب التجاري والتسليعي للأطفال.. الخ الخ. لا تقلقوا، عندما يكبرون قليلا، سيجدون كل ما هو حولهم، إعلانات تجارية، برامج تلفزيونية وحديث دوائرهم، ترسخ لديهم مفاهيم مشوهة، ستبذلون جهدكم لتمكينهم من مقاومتها! فلماذا هم بحاجة إليها منذ الآن ؟
نقطة أخيرة: أنا أكيدة أنكم ترون طفلكم أجمل طفل بدون هذا اللقب، وهو فعلا كذلك.
أصلا أصلا، حسب رأيي، جميع الأطفال حلوين. بذمتكم/ن، عمركم شفتوا طفل مش حلو؟
October 5, 2015 at 7:25 am
كلمات تنم عن حساسية مرهفه ، وحس عال بقيم الجمال الحقيقيه ، ابدعت سيدتي
LikeLike