عندما يلتقي فلسطينيون في الغربة. لا، عندما يلتقي فلسطيني/ة بفلسطينيين قادمين من المخيم. لا، عندما يلتقي فلسطيني بفلسطيني آخر قادم من اليرموك، ثم من عين الحلوة، ثم عبر السودان، ليبيا، البحر، ايطاليا، فرنسا إلى إلمانيا. قصص مريبة نسمعها هنا كل الوقت، كلما جاءنا زائر جديد من المخيم. قوارب الموت تقرّبنا.
عندما يلتقي فلسطينيون، قادمون من أماكن مختلفة، يجدون في أوروبا المكان الوحيد القادر على استيعابهم، القادر على جمعهم تحت سقف واحد. لاجئون من هناك، لاجئون مرة ومرتين وثلاثة.
مخيم اليرموك، تبقى منه ثلاثون الفا، بعد أن كان أكبر المخيمات، ويقطنه أكثر من مليون ونصف، سوريون وفلسطينيون، لا زال يعيش حصارا قاسيا منذ أكثر من عام، يموت في اليوم ألف مرة. يصبح البحر الملاذ الأخير. إلهي هبني بلادا ملاذا. الهي اوقف دوران العالم.
“الفلسطيني ما إله ظهر” يمكن أن يعتقل ويعذب ويموت تحت التعذيب. “ما إله ظهر”. إلهي، لماذا لا يوجد في اللغة العربية احرف كبيرة وصغيرة؟ أحتاجها احيانا عندما اكتب.
عين الحلوة، المخيم، أكبر المخيمات الباقية، بعد اليرموك، الذي أصبح سجنا. لكن لحظة: منذ متى لم يكن المخيم سجنا؟ أو منفى؟
عين الحلوة المخيم، استقبل سبعين الف لاجئ فلسطيني وسوري يعيشون فيه الآن. “هنا في المانيا، اغنى دول العالم، يتذمرون من بضعة آلاف لاجئ”.
الطنطورية، نتحدث عنها، هذه الرواية التي كتبتها المصرية رضوى عاشور، كيف استطاعت أن تجسّد كل هذه التفاصيل اليومية في حياة لاجئة، وأن تقطع عنا الهواء كذا مرة عبر الصفحات، وهي ليست فلسطينية ولم تعش اللجوء؟
كم مرة اعتقد اللاجئون أنّهم قريبًا، قريبًا جدا سيعودون؟ كم مرة جهّزوا حقائبهم لأنها “قرّبت”؟ كيف يمكن الانتظار ٦٦ عاما؟ ونحن ننتظر معهم، لاننا نقول دائما “قرّبت”.
“إنهم يصفّون المخيمات”، نقول، انتهوا من اليرموك، ومن قبله تل الزعتر.. على من الدور؟ عين الحلوة؟
”إنهم يصفّون حق العودة”، نقول، لا نقولها حبا بنظريات المؤامرات، لكن أنظروا حولكم، كلهم يشاركون في تصفية حق العودة. ليس المستعمر وحده. كلهم اتفقوا علينا.
“فلسطين أقرب من اوروبا”، فعلا؟
لا، لا أصدّق، لكن من أنا لأقول هذا للاجئ، فقد المخيم؟
الوجع يكبر، تلمع عين، تلمع عيون، نتحدث عن قصص صغيرة.
“عندما كنت في العاشرة ذهبت إلى الحافلات التي تأخذ الفدائيين للتدريب، طردوني لأني صغير”.
دموع خجولة أخرى.
“كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء”. عندما تسمع صراعات الفصائل، في هذا المخيم وذاك. العصبية والنزاعات التي لا تنتهي. هل هي الغربة؟ إلهي، هبني بلادا ملاذا. كيف وصلنا إلى هنا؟ لا اسأل عن التاريخ، اسأل عن أشياء أخرى.
وجع. صمت.
أعود إلى البيت، أنظر إلى الحائط:
“لا بديل عن العودة”
December 22, 2014 at 8:14 pm
يسلمو ياعبير على مشاركتي المقال المؤثر،لكن علينا ان نعمل أكثر ،ونعتمد على أنفسنا،مخاض عسير وصعب،لكنها قضية تستحق التضحية،صحيح أن للنصر ثمن باهظ،ومشوار صعب لكن النصر غير ممستحيل،ونحن الفلسطينيون لن نشفى من الأمل حتى يتحقق الحلم
LikeLike
December 24, 2014 at 4:02 pm
Reblogged this on A Voice from Palestine صوت من فلسطين and commented:
“لا عودة عن حق العودة”
LikeLike