عَسلامة تونس

October 19, 2014 by abirkopty 4 Comments

#تونس اليوم الأول: كان معي ساعة بين ما خلصنا جلسات المؤتمر وموعد العشاء، حملت حالي ونزلت أركض عأول مكان كنت حابة ازوره، شارع الحبيب بورقيبة، وأمشي في الشارع اللي منه طلعت “بن علي هرب”، وبعدين من حظي طلع العشا بمطعم سمك، وبهيك عملت ثاني إشي كنت حابة اساويه: أكلة سمك جامدة في تونس.

****

#تونس اليوم الثاني: لما تحقد عمؤتمر حاجزك بين أربع حيطان، وبعدين تتراجع عن حقدك لما يوخدوك عجولة وتلاقي حالك في نص قاعة مجلس النواب التونسي، وتلاقي صور كبيرة للشهداء شكري بلعيد ومحمد البراهمي عالكراسي وتقعد تتخيل انه صنّاع القرار عم يصوتوا او يتناقشوا في حضرة الشهداء، وبعدين تلاقي حالك في نص قرية بعيدة ساعتين عن العاصمة وتلتقي بالعم اسكندر، الملقب ب “القدورة”، ذاكرته موسوعة حكايا، بغنّي وبلقي قصائد وبرقص، وبتاكل عنده أكل تونسي في مكان خرافي عالجبل.

****

سؤال وجودي: هو بنفع الواحد يفطر ويتغدّى ويتعشّى سمك كل يوم؟ #تونس

****

#تونس اليوم الثالث: برضه أكلت سمك (حوت)، ورحت عالحمّامات.

احيانا في أماكن جميلة بتحس كثرة السياح بتفسدها، وانا طبعا مستثنية حالي من جماعة “السياح” لأني في بلدي، (آه تونس بلدي، من أول ما وصلت والتوانسة يقولولي إنت في بلدك)،  اتصلت بصديقة تونسية واعتذرتلها اني ما سمعت نصيحتها باني ما أروح الحمّامات، بس أنا عاملة زي الطفل اللي خايف يروح عليه أي إشي وبده يلحق على كلشي، المهم، ركضت عالسرفيس ورجعت عالعاصمة، عشان التقي فيها وبصديقة ثانية، بنات البلد زيي!

وآه عفكرة، اكتشفت انه قرب شواطئ تونس هناك جزيرة تونسية اسمها “زمبرة وزمبرتها”!!

وكمان إشي، في تونس مفش ماكدونالدز ولا برغر كنغ ولا ستار باكس ولا اي شبكة امريكية لأنه ممنوع.. وهذا جزء من جمال البلد!

****

‫#‏تونس‬ اليوم الرابع: اليوم فقط بدأت رحلتي في تونس في النهار.
أنا الآن نزيلة في شارع “فلسطين”، الموازي لشارع “الحرية”.
لم أكن أود لهذا اليوم الجميل أن ينتهي. انتقلت من مكان إلى مكان، زرت قرطاج وآثاره الجميلة، ونجحت في دخول المدرّج الروماني بإذنٍ من العم فتحي، خفيف الظل الذي قدّر بأن عمري هو 25, قلت له حرام عليك انا أصغر بكثير
سيدي بو سعيد، المكان الأجمل حتى اللحظة، هنا يمكنني أن أحبّ الأزرق والأبيض مُتخلّية عن حساسيتي الزائدة من هذين اللونين مجتمعان. مقهى “شبعان”، مدرج يطلّ على البحر، شاي بالصنوبر. سيدي بو سعيد، سأعود!
بعدها لقاءُ بعض الشباب/ات التوانسة وحديث لا ينتهي في السياسة، (لي صديقين سيسمّونهم ب “المهمّشين” كما يسمّونني)، ومن ثم انتهيت والصديقة الجميلة مي في بار يقع في طابق عاشر، يطل على تونس. تونس جميلة ليلاً كما هي جميلة نهارًا.
اليوم لم آكل السمك (الحوت)!
غدوة موعدي مع سوسة!

****
#تونس اليوم الخامس: نص المشوار طار وانا حاسة إني امبارح بس وصلت، وإنه يلعن تبًا، مش رح الحّق اشوف كلشي، وأنه من كثر ما يومي الخامس كان ملان أشياء مش رح أقدر أنصفه.
بس لازم أقول إني أكيد أكلت سمك اليوم، وإني نازلة في غرفة فشيخ في بيت عربي قديم فشيخ في نص دين البلدة القديمة الفشيخ في مدينة سوسة، وبكرا رح اشرب قهوة على سطوح البيت اللي بطُل عبيوت البلد والبحر، الفشيخ برضه.

****

ميزة انك تقعدي في نُزُل في وسط حي أصيل، ومش في فندق سياحي، انك تسمعي الصبح سعاد حسني “يا واد يا ثقيل” من بيت الجيران. 

****

‫#‏تونس‬ اليوم السادس: قهوة الصباح على سطوح بيوت سوسة القديمة، غذاء في مدينة مونستير (طبعا سمك)، أمسية ثقافية في قرطاج وسهرة في شارع الحرية في تونس العاصمة!
إمبارح في لمّة أصدقاء لما حكيتلهم إني نازلة في فندق بشارع فلسطين، حكولي إنه نكتتهم عالموضوع أن شارع فلسطين مواز لشارع الحرية ويقطعهم شارع الولايات المتحدة وشارع السعودية، قالت الصديقة إيناس: حرية فلسطين عالقة بين الولايات المتحدة والسعودية.
سمعت منهم قصص جميلة عن علاقة التوانسة بفلسطين، مثلا، حدثني صديق بأنه وجد لدى إمرأة عجوز في بلدة المظيلة في محافظة قفصة، وهي مناطق مهمشة جدا، وجد لديها في البيت صورة الشهيد عمران المقدمي، وكذلك علم فلسطين حيّكَته هي بنفسها. وأن في سيدي بو زيد هناك غرافيتي كبير على الجدار “لكل وطن حنظلة، إلا أنت يا وطني”.
سألوني كيف حاسة في تونس: أول شي خطر عبالي هو قديش حاسة بأمان كفلسطينية في تونس، حاسة فعلا إني في بلدي.
إمبارح كمان انتبهت لشغلة مهمة: في تونس لم تتحول الثورة إلى سلعة استهلاكية. لن تجد اكشاك وحوانيت تبيعك منتوجات من الثورة، لا دبابيس ولا أعلام ولا أساور ولا قمصان ولا شيء. نحبك يا تونس!

اليوم يومي الأخير، ماراثون بانتظاري!

****

أنا أبدا مش من محبي الشاي، بس ‫#‏تونس‬ حبّبتني في الشاي وكل يوم لازم أشرب الشاي بالبندق ( يعني شاي بالصنوبر بلغتنا)..

****

اليوم السابع والاخير: مش رح أعمل دراما إني تاركة تونس، لأني متأكدة إني رح أرجعلها.
قليلة المدن اللي بتخليك تسافر وانت راضي. أنا رحت كل الأماكن اللي كان لازم اروحها وأكثر، قعدت في كل المقاهي اللي كان لازم اقعد فيها وأكثر، والتقيت بكل الناس اللي كان لازم التقي فيها وأكثر، وأكلت كل الأكلات وشربت كل المشاريب اللي كان لازم أجرّبها وأكثر
يومي الأخير كان حافل، من مشتريات في البلدة القديمة (مفاصلة البائعين التوانسة كانت مهمّة سهلة كلما عرفوا أني فلسطينية)، مقهى الشواشين، زيارة حانوت للمخطوطات لفنان تونسي، تمشاية الحبيب بورقيبة لآخر مرة، ثم الذهاب لمشاهدة الغروب في سيدي بو سعيد، المكان الأحب علي، وأنا اتمشّى لقيت مكان أثار فضولي، دخلت، لقيت معرض رسومات رائع لفنانة تونسية، لما عِرفَت إني فلسطينية، حضنتني وقبّلتني.. ولخصتلي كل دفئ تونس بلحظة وحدة.
إختتمت ليلتي برفقة صديقتي مي وشربت آخر سلتيا في حلق الواد، طبعا مفيش حاجة أقول شو كان عشانا
تونس، رح اترك قطعة من قلبي عندك، للمكان وللناس الجميلة اللي خلت زيارتي حلم جميل بديش ينتهي.
بعرف إنه تونس مش المكان الكامل. وبعرف إنه الأصدقاء تحدثوا عن مشاكل كثيرة وعن مخاوف وتحديات كبيرة. بس إسمحولي أحكي عن تونس مش بعيونكم، وإنما بعيوني أنا: أسبوع واحد كان كافي أفهم وأعيش مقولة محمود درويش: وكيف نشفى من حبّ تونس.
راجعتلك يا بلد..