First published on Oximity
منذ عشرة أيام هزتنا جميعا قضية حنان التي نشرت عنها شبكة وطن للأنباء في 28 من أيلول/سبتمبر الماضي مقالاً يرافقه شريط مسجل يحكي قصة فتاة تبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين ربيعا (الاجدر ان نقول خريفا)، معاقة ذهنياً، من وادي الرشا، جنوب قلقيلية، رمتها زوجة أبيها في غرفة معزولة عن بيت العائلة ومفتوحة بالقرب من حظيرة الاغنام والدجاج. ولا تجد سوى قطع اسفنج صغيرة تنام عليها محاطة بأكياس القمامة.
سارعت زوجة الأب إلى إلباس حنان التي كانت عارية عند وصول موظفي وزارة الشؤون الاجتماعية وممثلي مؤسسات أهلية برفقة أفراد من الشرطة، متذرعة بأن حنان تخلع ملابسها دائما بينما أظهر الشريط بوضوح انها ترتدي بنطالا واسعا للغاية مما يشير الى عدم امتلاكها لاي قطعة ملابس.
الزيارة في الشريط ليست الأولى حيث قامت وزارة الشؤون الاجتماعية ودائرة المرأة بزيارة حنان عدة مرات مما يعني أن الجهات الرسمية لم تحرك ساكنا لانقاذ حنان منذ فترة طويلة.بينما سارع المسؤولون للاختباء وراء جملة “لا توجد مؤسسة تلائم حالتها” لتبرير الاهمال الواضح لقصة حنان. وهي ذريعة تشير الى انهم لا يريدون بذل أي جهد اضافي وليس لديهم دافع حقيقي لمساعدة حنان.
وقد ظهر جميل ابو زيتون وهو مدير مديرية الشؤون الاجتماعية في قلقيلية في مقابلة تلفزيونية مع الاعلامية رند خضير في 3 من تشرين الاول/اكتوبر الماضي على فضائية الفلسطينية ليقول “لا أعتقد بأنها تشعر بما تعمل، هي فاقدة للوعي نهائيا” و”الفتاة بحالة مزرية صحيح لكن هكذا هم أصحاب الاعاقة الشديدة”.
ان كانت هذه التصريحات قد صدرت من الشخص يفترض بانه المسؤول المباشر عن متابعة حالة حنان فماذا علينا ان نتوقع من الناس يا أستاذ جميل؟
لم نر منذ فترة قصة تسلط الضوء على انسانيتنا المفقودة كمجتمع مثل قصة حنان ولكنها اظهرت أيضا بعض الخير الموجود في هذا العالم حيث يسعى عدد من الأصدقاء والناشطين الى مساعدة حنان.
آخر الحلول التي اقترحها المسؤولون والمتابعون لحالة حنان هو بناء غرفة لها. هل هذا الحل المناسب فعلا؟ هل حنان بحاجة الى غرفة دافئة وملابس وطعام وشراب فقط؟ اليست بحاجة الى رعاية صحية ونفسية؟ هل هي بلا مشاعر او كرامة وليست بحاجة الى احترام او عواطف؟ كيف نستطيع ترك حنان مع هؤلاء الذين لا يمكن ان نثق أبداً في حسن معاملتهم لها؟
أخبرني المناضل يوسف الشرقاوي (ابو محمد) الذي نراه في كل مظاهرة واحتجاج، بعد أن زار حنان لمرتين هذا الأسبوع أن حنان ما زالت تعاني من نفس الظروف، وحتى هذه اللحظة لم يتم تقديم المساعدة الكافية اللازمة لحنان، مؤكدا أنه تمكن من ايجاد مأوى مناسب لحنان في بيت لحم وهو يسعى مع اخرين لنقل حنان اليه في أسرع وقت ممكن.
يقول ابو محمد أنه يجد حنان في بيت زوجة الاب في كل مرة يتوجه لزيارتها وهذا لا يعني أبداً أنها انتقلت للعيش معهم داخل البيت.فلا أصدق أن زوجة الأب التي تمكنت من ترك حنان في تلك الحظيرة لسنوات قد وجدت في قلبها الحنان والرحمة لادخال حنان إلى البيت إلا أمام الناس.
علمت ايضا بان مكتب محمود عباس شخصيا يتابع قضية حنان ويبحث لها عن حل. وانا اتساءل، كيف تصل قضية حنان الى اعلى المستويات، ولكنها ما زالت تراوح مكانها دون دفء او رعاية. الشتاء اصبح على الابواب وسنخلد جميعا للنوم في اسرتنا الدافئة تحت الاغطية بينما ستنام حنان في العراء.
كيف لم تتمكن كل هذه الجهات، الرسمية والعليا، ومؤسسات المجتمع المدني التي قالت بانها “تتابع” قضية حنان، جميعها من ايجاد مأوى ملائم لحنان، وتمكن ابو محمد من ذلك؟
لا افهم كيف لم يتم حتى الآن توقيف زوجة الأب ومحاكمتها على ما اقترفته بحق حنان؟ الا تكفي الادلة التي لديكم: وجدها مسؤولون (بما في ذلك افراد من الشرطة) في الحظيرة وبدون ملابس. ألقت عليهم زجاجات الماء الفارغة في إشارة انها عطشى. تناقضات رواية زوجة الأب حول المدة الزمنية لوجود حنان في الحظيرة. كل هذا موثق بالكاميرا..
تجدر الاشارة هنا الى ان زوجة الأب تتلقى مبلغ 1800شاقل مرة كل ثلاثة أشهر لرعاية حنان، ألا يكفي كل هذا لتتخذ اجراءات حاسمة؟
لا تفارقني صورة حنان منذ مشاهدة التقرير. قد يرى بعضكم انني اخذت الامر بصورة شخصية اكثر مما يجب. نعم، القضية شخصية بالنسبة الي ويجب ان تصبح قضية شخصية لكم جميعا فحنان ليست بحاجة الى شفقتنا بل الى وقوفنا بجانبها. حنان ليست اقل منا او اضعف منا بل تواجه ظلما لسنا قادرين على تحمله، معاقين اكنا ام لا.
اخبرني ابو محمد انه شاهد حنان في اخر مرة زارها تأكل كما تأكل دجاجة! رآها تنقض على رغيف من الخبز مع حبة بندورة وقطعة فلفل رمتها زوجة الأب على الارض، كدجاجة جائعة! عاشت مع الدجاج اكثر مما عاشت مع البشر فتعلمت منهم كيف تأكل!! وبحسب الشرقاوي، فان حالتها هذه ليست جديدة وتفاقمت منذ وفاة والدها قبل ثمانية اعوام!
قد يتساءل البعض، لماذا كل هذا الاهتمام بحنان، فهناك الكثير غير حنان لا نعرف عنهم؟ صحيح، وهل هذه حجة جيدة لنغض الطرف عمن نعرف عنهم؟ نحن الآن نعرف عن حنان. ما هي مسؤليتنا؟ هل نصمت. وان صمتنا فنحن شركاء في جريمة قتلها البطيء. على العكس قضية حنان يجب ان تحفزنا على البحث عن غيرها مما يعانون القهر والاهمال، والوقوف معهم/ن.
قضية حنان هي مرآة المجتمع الذي نريد ان نعيش فيه. لا يمكن ادعاء نضال التحرر الوطني دون تحرير عقولنا..الانسانية لا تتجزأ واسترداد انسانيتنا المسلوبة من المستعمر يجب الا يكون على حساب حرمان من نراهم او نعتقد بانهم “اضعف” او “اقل” منا من انسانيتهم.
حنان بحاجة الينا وعلينا مساعدتها الان حتى نحاول ان نعوض عليها جزءا صغيرا من القهر الذي تعرضت اليه.وحتى نسترجع جزءا بسيطا من انسانيتنا المسلوبة.
October 9, 2013 at 1:28 pm
رائعة عبير تعونا على روعتك ولن نشفى منها
LikeLike
October 10, 2013 at 1:10 pm
Thanks for Sharing Abir. I’ve send an and informed “”Stars of Hope Society” ; a lead organization for women with all types of disabilities in Palestine. It is made up of women with disabilities. still waiting for their response
LikeLike
October 10, 2013 at 4:40 pm
Thanks Basema, please keep me informed!
LikeLike