// تسفي يحزكيلي وإذاعة الإستيطان
نشرت صحيفة هآرتس قبل عدة ايام عن انطلاق إذاعة جديدة لجمهور المستوطنين، تحمل اسم “جالي يسرائيل”، وذلك بعد معركة قضائية دامت ثلاث أعوام، إلى أن حصلت على التراخيص من وزارة الاتصالات بمصادقة المحكمة العليا. وتبث هذه الإذاعة من مستوطنة جفعات زئيف.
الملفت هو أن الصحفي تسفيكا يحزكيلي، محلل الشؤون العربية في قناة 10 سيكون ضمن طاقم مقدمي البرامج لهذه الإذاعة. لقد مر هذا الخبر مرور الكرام، بدون أي صوت محتج او على الأقل متسائل: كيف يمكن-أخلاقياً وموضوعياً- لصحفي، يغطي الشؤون الفلسطينية أن يعمل في إذاعة الاستطيان، اخلاقياً لأنها غير شرعية بمقاييس الشرعية الدولية، وموضوعياً لأنها تخدم مستوطنين يحتلون اراضي لمن يفترض أنه يتعاطى وشؤونهم؟ في دولة طبيعية، أمراً كهذا كان حتماً سيحدث ضجة.
//ايتان برونر والجيش الاسرائيلي
هذه القضية تذّكر بقضية مشابهة أثيرت في الشهر الأخير، وهي تتعلق بكبير مراسلي صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية في البلاد، ايتان برونر. فقد كُشف أن إبن برونر، تجند للجيش الإسرائيلي. هذه القضية بخلاف قضية يحزكيلي، أحدثت ضجة. وعلى الرغم من الأصوات من داخل وخارج الصحيفة، التي طالبت بنقل أو إقالة برونر، أعلن المدير التنفيذي للصحيفة، بيل كيلر دعمه الكامل لبرونر، معللاً ذلك بأن تغطية برونر لطالما امتازت “بالدقة والفهم”. من المعروف أن صحيفة النيويورك تايمز منحازة لإسرائيل، ويؤكد ذلك عدد كبير من المحللين والباحثين. وإذا كانت تغطية برونر من وجهة نظر الصحيفة “دقيقة” فالدقة هنا هي نسبية. وحتى هذه “الدقة” النسبية حتماً ستتأثر من وجود ابن لبرونر يخدم في جيش الإحتلال الإسرائيلي.
//من “سينقذ” اسرائيل
لم تكن إسرائيل بحاجة الى فضيحة اغتيال المبحوح لتزيد الطين بلة في تردي مكانتها العالمية. وفي محاولة بائسة لتدارك الأمر، أصدرت وزارة الإعلام الإسرائيلية حملة لتحسين صورتها في العالم. حيث أطلقت موقعاً على الشبكة العنكبوتية، يحتوي على معلومات لتزويد الإسرائيليين العادين بها بهدف تحسين صورة إسرائيل عندما يسافرون الى الخارج. حيث يشمل الموقع ابواباً مختلفة تشمل معطيات حول تاريخ إسرائيل الحافل بالحروب، وكلها طبعاً دفاعاً عن النفس، وإنجازات إسرائيل في عدد من المجالات، طبعاً بدون ذكر “الإنجازات” في التمييز والعنصرية تجاه مواطنيها العرب. وباباً يقترح اجوبة لتفنيد افكار مسبقة حول إسرائيل. فحول نية اسرائيل للسلام تقترح وزارة الإعلام ان يجيب الإسرائيليين بان اسرائيل تبذل كل ما بوسعها من اجل السلام، وان قرار الامم المتحدة 242 لا ينص على انسحاب من “المناطق” التي احتلت عام 1967 بل نص على انسحاب من “مناطق”. والمستوطنات ليست عائقاً امام السلام. أما عنا، فلسطينيي الداخل، فلا ذكر لنا سوى في السياق الديمغرافي، حيث تحاول وزارة الإعلام أن تفند الإدعاء بأن العرب يتكاثرون بشكل سريع مما يهدد تحول اليهود إلى أقلية.
هذه الحملة الإعلامية تدل فيما تدل على الخطأ الإسرائيلي التقليدي، وهوالاعتقاد بأنه يمكن تغطية الشمس بعباءة وأحيانًا بالغربال. إسرائيل تخلق في هذا الموقع صورة جميلة لواقع بشع، وتتعامل وكأن المشكلة تقتصر على أن العالم لا يرى هذه الصورة الجميلة، ولذلك يجب عليها أن تعرضها عليه. هذا بالإضافة إلى إيهام الإسرائيليين بأن المشكلة ليست في عقلية الإحتلال ولا نهج الإستيطان والإستعمار ولا السياسة العنصرية والفوقية، ولا ابتزاز العالم من خلال دور الضحية المهددة دائماً وأبداً، بل إن مشكلة مشاكل إسرائيل هي التسويق والإعلام. ناهيك عن أن هذا العمل يناسب دول ظلامية، تحدد لمواطنيها كيف يجب أن يفكروا وما يجب أن يقولوا.
إسرائيل تعرف جيداً أن حملة وزارة الإعلام وحدها لا تكفي وهي بحاجة لعجيبة من أجل قلب الموازين. وقد كتب دوف فايسغلاس، في صحيفة يديعوت، يوم الأربعاء 24.2.2010 إنه “طالما كان إرهاب تمتع موقف إسرائيل بتفهم دولي، واليوم لا يوجد إرهاب ولا مفاوضات ومحاولة إسرائيل إلقاء اللوم على السلطة فشل.”
لنا أن نتصور ما الذي سينقذ إسرائيل من هذا الوضع؟ وما الذي من شأنه أن يقلب مرة أخرى الموازين لصالحها وضد مصالح الشعب الفلسطيني؟! لن نتفاجأ إن حدثت عملية انتحارية قريباً، وهذا المشهد، إن حصل، سيكون من سيناريو وحوار وإخراج إسرائيلي، هوية اللاعبين هي أمر ثانوي، المسألة مسألة وقت لا أكثر.
Like this:
Like Loading...
Related
Writer, blogger and journalist.